Saturday, April 13, 2013

رسالة لصديقي حسن كراجة- رسائل الحرية - اسبوع الاسير الفلسطيني


عزيزي حسن،

منذ عرفت عن أسرك بدأت أكتب لك رسائل طويلة في كل مرة أشعر بزخم أخبار أود اخبارك اياها وأتمنى لو أنك على بعد اتصال هاتفي لاسردها. في كل مرة تستفزني الاماكن لتشعل ذكرياتي معك، اكتب رسالة.  أول رسالة كتبتها قبل 78 يوم، عبرت لك عن غصتي من خبر اعتقالك الممزوج بابتسامة اعلم انها مرسومة على شفاة روحك التي لا تبالي اي ثمن مقابل عشق الوطن. كتبت ما يقارب العشر رسائل خلال الشهرين ومنعت نفسي من كتابة ضعف ذلك.
 قبل يومين عندما وصلني خبر أنك تسمع راديو أجيال يوم الجمعة وراديو الاسرى يوم الأحد، بدأ زخم الرسائل الصوتية يضج في ذهني. فمن هوس القلم والكتابة الى هوس الرسائل الصوتية التي يمكنني بثها في ثواني اتصال ترسل لك شوقي وترسم لك ابتسامة ووعد بلقاء. بدأت أحكي معك بصوت عالي ليلا نهارا، اتدرب على لقاءنا يوم الجمعة في مكالمة أنتظرتها بفارغ الصبر لبرنامج الاسرى. احكي مع نفسي بجنون مؤقت يغمرني بفرح موعد للتواصل معك. موعد، لم ينجح بعد!
سافرت الى لبنان لثلاث أيام زخمة بالعمل والأكثر زخما بتفاصيل حضورك الذي لم يفارقني. حتى راودني ان وجودك في تلك الأمكنة قبل أشهر هو الذي أبقى تلك الزوايا حيّة حتى لقاءي الجديد بها ، ولكن، هذه المرة وحدي! دون رفقتك! كانت رحلة محملة بدمع الشوق وضحكات الذكريات. عندما تثار الذكريات يصعب لملمتها، تحتاج لحضن أوسع من مدى الوقت،  وارحب من قسوة استمرار السرد الذاتي.  لا لكي يوقفها بل كي يحتويها.  لأول مرة وجدت نفسي أمارس الذاكرة وتفاصيلها! آكل طابات اللبنة مع الزعتر فوقها كما علمتني وأدندن هنا وهناك كما كنت تفعل.
في المطار جلست أكتب لك على البوابة 18 مطار بيروت، كمحاولة لاحتواء حالة حضورك برسالة! لادرك ان هذا كان موقع لقاءنا الأول! اللقاء الأسوء لنا. ذلك اللقاء لدقائق محدودة والذي حمل معه زخم من الاستفزاز والذكاء الحاد منك الذي احتاج مني عام كي اشفى من سوءه و لأرسم لك صورة جديدة تشبه قلب فلسطين النابض بالشغف في لقاءنا التالي. لقاء جدد عشقي لفلسطين التي تحيا في لهجتك الصفاوية الرائعة. 
حسن، تأسرني الذكريات فأحياها لتنبض فرحا ممتزج بقسوة غيابك ويقين لقاءنا القريب. يلفتني اليوم كيف تتقن تصميم ابتسامة الاخرين. في مكتبي صندوق خشبي من خشب الزيتون مرسوم عليه خارطة فلسطين. لم تكتفي يومها باهداءي هذا الصندوق، بل طلبت مني أن أضع فيه ملبس للضيافة وأمثال وأقوال ليأخذوها زواري معهم وترسم ابتسامة على شفاهم. في غرفتي كوب فخار لشرب الشوكولاته الساخنة، حجمه ضخم جدا وغير منطقي ومكتوب عليه "منطق"! أهديتني اياه استجابة لكلامي عن المنطق الذي كنت تجده غير منطقي. وتعزيزا لاننا نقرر المنطق بأنفسنا. على صدري حُفٍرَت ثورة وحول عنقي شال فلسطيني مطرز بايقاع الدبكة التي تحييها وتشعل الفرح حين تفعل، فتترك لارجلنا ذاكرة الفرح المباغت. بين أوراقي رسائل وكتب أمل وحب وطن أجدها هنا وهناك منك. في صالون بيتنا قصيدة درويش "أنا من هناك" التي حملتها يوما بكفيك.  تنعش اذني قصصك مع الآخرين طوال الوقت. على باب بيتنا صورة معلقة للهفة لقاءك بأهلي المحمل بعبق الزعتر. ولا تزال في كل جلسة محكمة ترسل لنا، أصدقائُكَ . الرسائل والقصائد في مغلفات محبة! في أي مدرسة تعلمت كل هذا العشق للحياة؟ أين تعلمت فن اهداء الحب في جرعات مستمرة حتى في غيابك؟
حسن، مشتاقة كتير لأحاديثنا التي لا يحدها قوانين المألوف!
كل الشوق،
ميس العرقسوسي

2 comments:

fanhouche said...

الحر الحقيقي هو الذي يحمل أثقال العبد المقيّد بصبر وشكر..
"جبران"

شكرا حسن

fanhouche said...
This comment has been removed by the author.